العبيط الذي في رأسي يُحاسب

يقول نيلسون روكفلر - والذي شغل وظيفة نائب الرئيس الأمريكي عام 1974م - إنه عندما كان يطلب من والده الملياردير جون روكفلر مالاً ، لم يكن يعطيه إياه مباشرة ، بل كان يُكـلِّفه بعدة مهام مقابل ذلك .
فيطلب منه مثلاً تنظيف الحديقة ، أو ترتيب العُلِّية ، أو الذهاب مشياً لشراء بعض الحاجات للمنزل ، أي أنه كان يتصبب عرقاً لكسب المال .
"جون روكفلر" من أغنى أغنياء أمريكا ، وباستطاعته إعطاء المال لولده دون أن يُرهقه ، إلا أنه كان يقول إن تصرفه سيشرح لابنه قيمة المال ويُعرِّفَهُ كيفية اكتسابه .
وأعتقد أن السيد جون كان محقاً في فلسفته التربوية ... فنظرتنا للمال وتحديدنا لقيمته في أنفسنا تختلف وفقاً لآلية كسبنا إياه .
إن المال الذي حصلت عليه بسهولة أو بالصدفة لن يكون عزيزاً جداً على قلبك ، وغالباً ما ستصرفه على الكماليات أو توافه الأمور ، بينما المال الذي كسبته لقاء تعب وشقاء سيكون غالياً على نفسك ، ومن المرجح أنك ستصرفه على أمر ضروري عندك أو له قيمة ومنفعة حقيقية .
وهذا ما يُسميه دكتور الاقتصاد السلوكي الحاصل على جائزة نوبل ريتشارد ثالر بـ "المحاسبة العقلية" .
إليك هذا المثال ...
لنفرض أنك وجدت مبلغ 20 دينار على الأرض وقررت انفاقها... على ماذا ستصرفها ؟ (فَـكِّـر في الجواب)
مهلاً ... ماذا لو كانت الـ20 هي أجرك اليومي الذي حصلت عليه مقابل حرث الأرض باستخدام المعدات الثقيلة لمدة 10 ساعات ، هل ستصرفها على نفس الأمر ؟
غالباً سيكون الجواب لا .. قيمة الشيء في نفسك مقرونة بمدى تعبك للظفر به .
أقام مجموعة من الباحثين في جامعة ستوكهولم السويدية دراسة على 3362 شخص ربحوا قرعة اليانصيب ونالوا أموالاً طائلة - دون تعب - ، وامتدت الدراسة إلى 22 سنة بعد ربح الجائزة .
كثير من الرابحين كانوا يصرفون أموالهم على تعاطي المخدرات ، أو يشترون بها أشياء تفوق منفعتُـها سعرَها ، كهاتف مصنوع من الذهب مثلاً .
ولك أن تصدق أن أكثر من نصف الرابحين انتهى بهم الأمر إلى إعلان إفلاسهم !!
وهذا أمر متوقع ، فليس للمال قيمة عليا في أنفسهم ، إذ كسبوه دون كدح أو نَصب ، فأضاعوه بغباء وصرفوه ببذخ.
والأمر لا يتعلق بالمال فقط ، فكل شيء تحصل عليه بعد تعب وشقاء سيكون قيماً عندك .. إنه قانون الدماغ .
فمثلاً لو كنت أباً - أو كنتِ أماً - وكان طفلك لا يُحافظ على ألعابه ويقوم بتكسيرها بلا مبالاة ، اطلب منه في المرة القادمة التي يريد بها لعبة أن يقوم بعدة أشياء بالمقابل ، كأن يكنس المنزل أو يرتب المطبخ ... ارهقه واجعله يتقاطر عرقاً لكسبها ، وإني أُأكد لك أنه سيحافظ عليها بشكل أفضل هذه المرة . ( وإذا كسرها قَطِّع العقال على ظهره والأمور راح تضبط بعدها 😜)
إذن الدماغ لا ينظر لممتلكاتنا كعدد ، بل ينظر لها "كيف جاءت" .
أضف لذلك أن أدمغتنا أشبه بالبنك الذي يُقسِّم الأموال لعدة أرصدة وحسابات مختلفة ، فيودع بعض المال للطعام وبعضاً للترفيه وفاتورة الهاتف والوقود والادخار .... إلخ .
ومما أكدته التجارب أن الدماغ يتساهل بعض الشيء في تبذير الأموال التي لا تقع ضمن أي حساب أو تصنيف .
فمثلاً لو كنت خصصت مبلغ 40 دينار لتشتري فيها حذاءً قد رأيته قبل أيام ، وعند دخولك للمحل اكتشفت أن هناك تنزيلات رائعة وأصبح سعر الحذاء 20 دينار فقط ، سيكون لديك 20 متبقية لا تدخل في أي حساب .
دماغك هنا سيكون بين خيارين ... إما أن يُحسن التفكير ويبدأ ضرب الأخماس في الأسداس ليعرف أين سيستثمرها ، أو يقول لك بكل بساطة "هيا اصرفها على ما هو أمامك الآن واشتر حذاءً آخراً واستغل التنزيلات" .
والدماغ كسول في طبعه ولا يُحبذ صرف طاقة ذهنية على التفكير العميق ، وسيختار أسهل الطرق وستنفق الـ20 الأخرى على أشياء لم تخطط لها أصلاً أو لست في حاجتها .
لنقم معاً بتجربة ....
لنفرض أنك ذهبت وحدك إلى السينما لتتمتع بمشاهدة فيلم ما . ( 😢 ايييييييه سينما ها ... طشرنا الوقت مو كنا ملمومين يا كورونا )
وفي طريقك للسينما وقعت من جيبك دون علمك 3 دنانير ، وعند وصولك إلى السينما اكتشفت ذلك ... فهل ستشتري تذكرة لدخول الفيلم بـ3 دنانير ؟ ( فَكِّر في الجواب )
الآن ... إليك هذه الفرضية الجديدة .
لنفرض أنك في يوم ما اشتريت تذكرة لدخول السينما بـ3 دنانير ، وقبل العرض بساعة أضعت التذكرة ولم تحتفظ بالفاتورة ... فهل ستدفع 3 دنانير أخرى وتشتري تذكرة جديدة لدخول الفيلم ؟ ( فَـكِّـر في الجواب )
أجرى علماء من جامعة Yale هذه التجربة ، وكانت النتيجة أن 46% فقط ممن فقدوا التذكرة قرروا شراء تذكرة جديدة ، بينما 88% ممن أضاعوا المال في الطريق قرروا شراء تذكرة .
في الحالتين كانت الخسارة (3 دنانير) إلا أن القرار كان مختلفاً ... أمر غريب أ ليس كذلك ؟
أنت في المرة الأولى خسرت 3 دنانير لم يخصصها بنك دماغك بعد لحساب السينما ، لكنك في الفرضية الأخرى دفعت وخصصت 3 دنانير لحساب السينما ، وبنك دماغك قد يرفض إضافة 3 أخرى لهذا الحساب ، ولن يدفع 6 دنانير لتتمتع بأمر قيمته 3 دنانير فقط .
نعم إن أدمغتنا عبيطة بعض الشيء في محاسبتها العقلية ( العلم يقول مش أنا 😁 )
وإن كنت لا تصدق ذلك ... إليك السؤال التالي .
لو قررت شراء بعض الحاجات من البقالة ، فهل سيكون هناك فرق في مشترياتك بين دفعك نقداً وبين استخدامك البطاقة البنكية ؟ ( خذ نفساً عميقاً وفَـكِّـر )
أجرى دكتور علم النفس الاجتماعي السيد كاري موريويدج Carey Morewedge دراسةً ، وفحص إيصالات فواتير الأشخاص الخارجين من متجر البقالة ، وكان متوسط فاتورة الذين دفعوا نقداً ($6.65) بينما الأشخاص الذين دفعوا بالبطاقة البنكية ($11.45) .
فهل من قبيل الصدفة أن يشتري من استخدموا البطاقة البنكية أكثر ويدفعوا المزيد ؟
في دراسة أخرى لبروفيسور السلوك الاقتصادي السيد Manoj Thomas تفحص فيها سجلات الدفع في أحد متاجر التجزئة الكبيرة ، فوجد أن الذين يستخدمون البطاقات البنكية لدفع المشتريات يميلون إلى الانفاق باندفاع أكثر مقارنة بأولئك الذين يدفعون نقداً .
أما أولئك الذين يستخدمون البطاقات الائتمانية – والتي تحتوي على أموال البنك وسيتم خصمها منك لاحقاً – كانوا شديدي الاندفاع مقارنة بغيرهم ، وكَـأنَّ أموال البنك مالٌ سائب لن يتم خصمه منك مستقبلاً 😕 !!! . ( جلد مو جلدك جِرَّه على الشوك )
أي كأن الدماغ صَـنَّـفَ أموال القرض أو البطاقة الائتمانية على أنها أموال "سهلة" فاسترخص انفاقها .
ومن الأشياء المثيرة للاهتمام في هذه الدراسة هي أن حتى أولئك الذين كانوا أكثر اقتصاداً وسيطرة على أموالهم في الماضي باتوا أكثر عرضة لزيادة الانفاق عند استخدام البطاقات البنكية أو الائتمانية .
وإن كنت تتساءل عن سبب هذا الاختلاف في التسوق عند اختلاف طرق الدفع ، فالأمر بكل بساطة متعلق بما يُسمى "ألم الدفع" .
ليس سهلاً على قلوبنا أن نخسر المال أو ندفعه ...سنشعر ببعض الألم عند حدوث ذلك ، لكن الأشخاص الذين يستخدمون البطاقات البنكية يكون الألم عندهم أقل بكثير من أولئك الذين دفعوا نقداً فيشترون المزيد .
لأنه عندما تدفع نقداً فأنت تمد يدك إلى محفظتك وتأخذ منها المال وتعده وتعطيه للمحاسب فلا يعود إليك ، أي ترى أمام عينيك المال وهو يتلاشى ، بينما في حالة البطاقة البنكية فالمال في البنك وليس أمام عينيك ، والبطاقة التي أعطيتها للمحاسب ستعود إليك كما هي .
وهنا يكمن التفاوت في "ألم الدفع" لأنه مرتبط بالذاكرة ، فليست كل الذكريات التي في دماغك تؤثر على سلوكك وأفكارك ومشاعرك بنفس الطريقة .
هناك ذكريات تتجلى أمامك وأثرها بالغ عليك وستجد صعوبة في تجاوزها ، بينما هناك ذكريات ليست على مرأى منك ويستطيع دماغك أن يتخطاها بسهولة متغافلاً عن الشعور بالألم .
والدفع النقدي ونقص المال الورقي ذكرى حاضرة تراها وتلمسها فتؤثر على سلوكك ومشاعرك بشدة ، بينما الدفع بالبطاقة البنكية ذكرى يسهل على الدماغ التغافل عنها فيقل أثرها عليك .
لنقم بتجربة أخرى معاً ...
لنفرض أنك جائع ومتكدر بعض الشيء ، وقررت أن تُسعد نفسك وتسد جوعك بطبق بيتزا ، ودخلت إلى المطعم كي تأكل .
ولحسن حظك قَدَّمَ لك الجرسون عرضاً لطيفاً وقال لك : البيتزا التي طلبتها سعرها 5 دنانير ، وعادة ما يأكلها الزبون بـ25 قضمة ، فما رأيك بدل أن تدفع 5 دنانير للبيتزا ، أحاسبك وفقاً لعدد القضمات ، وكل قضمة ستكون بـ100 فلس ، أي بـ25 قضمة (متوسط قضمات الزبائن ) سيكون سعر البيتزا 2.5 دينار فقط ، وسأقف عند رأسك أثناء تناولك إياها وأحسب عدد القضمات .. فما رأيك ؟ ( فَـكِّـر في الجواب )
ستوفر المال وستأكل البيتزا ... عرض مغري أ ليس كذلك ؟
إن وقعت في الفخ وقبلت العرض سيكون دماغك مشغولاً في كل لقمة بحساب التكلفة ... ناهيك عن الجرسون الواقف أمامك والمحدق بك والذي يضيف على آلته الحاسبة 100 فلس بعد كل قضمة ... سيجعل مسألة الدفع والحساب المتزايد ذكرى حاضرة مسيطرة على عقلك في كل لقمة ... وذلك كفيل بتحويل غدائك إلى لحظات مزرية تخلو من المتعة التي جئت تنشدها .
إذن المحاسب الذي في أدمغتنا – والمرتبط بمشاعرنا وسلوكنا –يتأثر بالطريقة التي اخترنا أن ندفع بها ، وإذا فهمت هذا الأمر جيداً يمكن أن توظفه بالطريقة التي تخدمك .
فمثلاً لو كنت تريد تقليل الأموال التي تنفقها على الطعام ، قم بزيادة "ألم الدفع" ، وخَصِّص من مرتبك ميزانيةً للطعام ، وضع الأموال (نقداً) في ظرف ، وادفع منها في كل مرة ستشتري بها من المطعم .
رؤيتك للأموال وهي تتقلص تدريجياً وتضمحل مرة بعد الأخرى ، سيجعلك أكثر ترشيداً .
وعلى النقيض تماماً ... تستطيع أن تقلل ألم الدفع ليزداد استمتاعك في الأشياء التي ستنفق عليها المال .
فمثلاً لو كنت تريد الذهاب في رحلة سياحية إلى أوربا ، قم بدفع رسوم تذاكر رحلاتك اليومية في وطنك قبل السفر ، كي لا تضطر للدفع عند كل رحلة يومياً ، وهو ما سيقلل من متعتك حتماً .
إذن .. في رؤوسنا عبيط لا ينظر للأموال والممتلكات من منطلق مادي بحت ، بل يراها بعاطفة لا تخضع للمنطق بتاتاً ، وتفكيرك بعمق وفهمك لهذا العبط الدماغي المسمى "المحاسبة العقلية" سيجعلك أكثر اقتصاداً في مصروفاتك وأكثر استمتاعاً في مقتنياتك بعيداً عن التبذير وتبديد الأموال بغير عقل .
وكما يقول سيدي علي ابن أبي طالب عليه السلام : حسنُ تدبير المعيشة نصف العقل .

كم مرةً شعرت بحنينٍ إلى الماضي؟ إن الحنين إلى الماضي تجربة إنسانية... لا شك أنك مررت بها يوماً ما، إذ يتسلل إلى قلبك شوقٌ غريب لذكريات عفا عليها الزمن متمنياً عودتها لشعورك بأنها أفضل من حاضرك، فهل كانت تلك الذكريات حقاً أجمل... ولماذا ينتابك هذا الإحساس أصلاً؟ في ورقة بحثية لبروفيسور علم النفس ديفيد نيومان David Newman درس فيها الحنين إلى الماضي، قام بسؤال المشتركين في التجربة عن مدى حنينهم إلى الماضي، وأسئلة أخرى تختبر مدى سعادتهم ومشاعرهم السلبية أو الإيجابية عندما يخالج قلبهم شعور الحنين هذا. وتَـوصَّل إلى نتيجة – لا أظنها صادمة لك سيدي القارئ – أن ميل الإنسان إلى الحنين إلى الماضي مرتبط بالمشاعر السلبية كالحزن أو الندم أو حتى الاكتئاب، بينما المستويات العليا من الحنين إلى الماضي مرتبطة باضطرابات الهوية وفقدان معنى الحياة. فالأشخاص الذي قيموا أنفسهم على أنهم أكثر حنيناً إلى الماضي كانوا يعانون من عواطف سلبية بل ينظرون أحياناً إلى الحياة بسوداوية، على عكس أولئك الذين قيموا أنفسهم على أنهم أقل حنيناً. وفي ذات الورقة البحثية درس البروفيسور ديفيد مجموعة أخرى من الأشخاص على مدار أسبوعين، فحص فيها مدى حنينهم إلى الماضي والمشاعر التي تنتابهم على مدار اليوم. وكانت الأيام التي شعر فيها الناس بالحنين إلى الماضي هي غالباً ذات الأيام التي مروا فيها بأحداث أو مشاعر سلبية. وبما أن الدراسة تستقصي مشاعرهم يومياً، كان من الممكن بسهولة ملاحظة كيفية تأثير مشاعر اليوم على الغد، وكانت النتائج تشير بوضوح بأن الأيام التي شعر الناس فيها بالوحدة مالوا إلى الشعور بالحنين إلى الماضي في اليوم التالي، والأيام التي شعروا فيها بالحنين إلى الماضي أعقبتها أيام كانوا يميلون فيها إلى التفكير بالأشياء السلبية ويعيشون بعضاً من المشاعر الكئيبة. أي يمكن القول باختصار أن الشعور بالحنين إلى الماضي غالباً ما ينتج عن مشاعر سلبية كالوحدة، ويسبب تفكيراً سلبياً للمستقبل... لكن مهلاً الأمر ليس بهذه المشأمة أو التعاسة المطلقة... هناك جانبٌ مشرق. (أنا مو كاتب مقال عشان أطين عيشتك... انطر للنهاية 😜) هبني قبل ذلك أوضح لك الخدعة التي يقوم بها الدماغ هنا، فمعرفة كيف تجري الأمور في ذهنك ستجعلك تنظر للحنين إلى الماضي بطريقة مغايرة. في بادئ الأمر... الماضي ليس بتلك الجمالية التي تخبرك بها ذكرياتك. الدماغ البشري لا يسجل الذكريات بصورتها الحقيقية وبشكل محايد -أي كما نقول بحلوها ومرها- بل يميل إلى تذكر الأحداث الإيجابية بشكل أوضح بكثير من السلبية خاصة مع مرور الزمن، وهذا ما يُسمى في علم النفس بظاهرة "تحيز الذاكرة الإيجابية" Positive Memory Bias، فأنت مثلاً تتذكر تلك السهرة العائلية الممتعة في طفولتك، إلا أنك لا تتذكر معها المشكلات والتوترات التي عاشتها عائلتك في تلك الفترة، وهذه آلية دفاع نفسية يلجأ لها الدماغ ليقلل عن نفسه التوتر والقلق المرتبط بالزمن الحالي. وأذكر هنا دراسة أجراها البروفيسور Tim Wildschut شملت أكثر من 500 مشارك، سُئلوا عن تجارب الحنين إلى الماضي، وكانت النتيجة أن 79% من المشاركين استرجعوا ذكريات إيجابية عن ماضيهم، رغم اعترافهم لاحقاً بأن ظروف تلك الفترات لم تكن مثالية... بل وربما سيئة. أضف لذلك أن الدماغ ينظر للماضي -الذي نجوت منه وها أنت حيٌ الآن- على أنه أكثر أماناً من الحاضر بل وسيلة تلجأ لها من قلق الحاضر، خاصة عندما يواجه المرء ضغوطاً ومسؤوليات في الحاضر لا يدري إن كان سينجو نفسياً منها أم لا، والتي غالباً لم يكن يحمل عبئها أيام صباه أو في الماضي. وأما الأشخاص الأكبر سناً والذين عَـفَّـرت الحياةُ بهم الأرض، فهذه الضغوط التي تجعلهم يشعرون بحنين إلى الماضي غالباً ما تكون أزمات على مستوى الهوية أو الشعور بفقدان المعنى، وهذا الأمر شائع مع الأشخاص الذين يمرون بتغيرات كبيرة كالطلاق والتقاعد والبطالة... وهلم جراً. وفي دراسة للبروفيسور Tim Wildschut أيضاً (إلي انت طنشت اسمه قبل اشوي وطنشت اسمه الحين 😜) عرض على مجموعة من المشاركين مشاهد محبطة أثارت فيهم الشعور بالقلق أو الحزن، ثم طلب من نصفهم كتابة ذكريات من الماضي، وكانت النتيجة أن المشاركين الذين استدعوا ذكريات الطفولة، انخفضت مؤشرات القلق عندهم وزادت مشاعر الدفء العاطفي والانتماء، على عكس أولئك الذين لم يلجؤوا لذكرياتهم. وهناك جانب آخر بيولوجي... فمع التقدم في العمر تتغير طريقة معالجة الدماغ للذكريات، فالدوبامين -وهو ناقل عصبي مرتبط بالتحفيز والمكافأة- تقل فاعليته وينخفض مستواه في مرحلة لاحقة من العمر، مما يجعل الأحداث الجديدة في حياتك أقل إثارة وتشويقاً، بينما في المقابل تكون الذكريات القديمة قد حُفظت بشكل مثبت في الدماغ، ويكون استدعاؤها أسهل مما يعطي شعوراً مخادعاً بأنها أفضل... وهي حتماً ليست كذلك. نعم يا سيدي القارئ... الدماغ يصبح مملاً بعض الشيء مع التقدم بالعمر... إنها الحياة. 😢 الآن لننتقل إلى الجانب الإيجابي.... كفاناً نكداً.. أليس كذلك سيدي القارئ 😜 -كما قلت قبل قليل- يلجئ الدماغ إلى الحنين إلى الماضي ليخفف عن نفسه وطأة حاضره وقلقه، فهي كما نسميها في علم النفس "حيلة دفاعية" يلوذ بها الدماغ، لذا فهي -من الناحية النفسية- أشبه بعلاج يبتكره الدماغ لنفسه، لذا فهذا الشعور -رغم سلبيته- إلا أنه يدفع عنك ما كان أثقل حملاً وأشد جهداً، فالحمد لله الذي ألهم الدماغ هذا الشعور. وقبل الانتقال لنقطة أخرى إليك هذه الدراسة... أجرى الدكتور كلاي روتليدج Clay Routledge وفريقه البحثي من جامعة ولاية نورث داكوتا دراسة حول الحنين إلى الماضي وأثره على بيئة العمل. قدم الباحثون عدة استبيانات إلى المشاركين في التجربة، وهم مجموعة من الموظفين في شركات كبرى، وتم تقسيم الموظفين إلى مجموعتين. عُرض على كل فرد من المجموعة الأولى صور ومقاطع فيديو تعيدهم إلى لحظات نجاح سابقة عاشوها في الشركة، بينما المجموعة الثانية طُلب منهم التفكير في التحديات الحالية دون توجيههم إلى تذكر لحظات النجاح السابقة. أظهرت نتائج الدراسة أن المجموعة التي أعادوها إلى ذكرياتها السابقة كانت أكثر ميلاً نحو الإبداع وتحمل المخاطر لبضعة أيام لحقت التجربة، وأشار العديد من المشاركين في المجموعة الأولى أن تلك الذكريات عززت شعورهم بالانتماء ورفعت من معنوياتهم في الأوقات الصعبة. وأظهرت البيانات أن الحنين إلى الماضي ساعد في تحسين علاقات الموظفين مع بعضهم البعض، مما ساهم في زيادة التعاون ورضاهم عن العمل. أي أن الحنين إلى الماضي خلق بيئة إيجابية لتحمل ضغوطات الحاضر في العمل، وزاد من تكاتف الموظفين شعورياً... نعم إن له هذا التأثير الساحر!! ونحن البشر نمتلك قدراً رائعاً من التعاطف والمقدرة على فهم مشاعر الآخرين (إذا أنت ما تتعاطف مو محسوب علينا من البشر... شوف لك صنف أحيائي ثاني 😒)، وعندما نرى أمرؤاً يتوق للماضي فلا أظن أننا سنجد صعوبة في استيعاب أنه يشكو من حاضره أو أن هناك شيئاً ما أرهقه، وهذا ما قد يثير فينا عاطفة اتجاهه وبالتالي مساندته ودعمه وتقديم مشاعر المؤاساة له، ولعل دماغك قادك إلى الحنين إلى الماضي وبـثِّـه إلى الآخرين كبديل -أكثر عزة نفس وكبرياء - عن التذمر. وكثيراً ما أصادف منشورات في برامج التواصل الاجتماعي أو أستمع في أحاديث جانبية مع الأصدقاء ذلك الحنين إلى الماضي، وارتأيت أن أكتب هذا المقال لعله يوضح أو يقدم شيئاً لهم. سيدي القارئ... إن الحنين إلى الماضي تجربة إنسانية بامتياز، لا شك أننا سنشعر بها بين الحين والأخر، إنها ملاذ آمن يلوذ به الدماغ ليتخلص من ثقل الحاضر، نعم سيجلب لك بعضاً من المشاعر السلبية، بل ولربما يُضـيِّـق في عينيك رحيب الدنيا، وآمل ألا يحدث هذا.... وإن حدث فتأكَّد أن الماضي لم يكن بهذا الجمال فعلاً كي تتوق إليه، وأن الحياة وحاضرك حتماً لن يكونا عالماً وردياً، وستمر -كما مر غيرك- بالعديد من المصاعب والآلام ليس لأن الدنيا تكرهك اليوم وكانت تحن عليك بالماضي، بل لأن هذا جزء أصيل من الدنيا لا يتجزأ، فالحياة لا تكرهك أو تحبك هي تدور فقط دون اكتراث... فاخشوشن وواجها، واصنع بنفسك حاضراً أجمل من ماضيك، فأنت لا تمتلك أداة العودة للماضي لتحن إليه، لكن بيدك الآن أن تغير حاضرك للأجمل. ومهلاً... نحن هنا... زملاؤك البشر... حنينك إلى الماضي يحرك فينا مشاعر اتجاهك تجعل الحياة أكثر وداً ولطفاً. وذرني أبوح لك بما في قلبي سيدي القارئ... أنا أيضاً أحن إلى الماضي... لكن أحاول أن أغير حاضري للأجمل.

كم مره خنت فيها شعورك وأبديت إعجابك بأشياء لا تستحسنها؟ في عام 1897م اندلعت حرب بين الدولة العثمانية واليونان وكانت محط اهتمام الطبقة السياسية والنخب العليا، أما عوام الناس فكان "كُـلّا يدعي في الهوى وصل ليلى" والكل يريد الحديث عن هذه الحرب الطاحنة والتظاهر بالاهتمام كي يوحي للآخرين امتيازه الثقافي. إبان الحرب زارت بعض النسوة من الطبقة المخملية بيت الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي كان برفقة زميله الكاتب مكسيم غوركي، وسألنه عن رأيه حول هذه الحرب، فجلس يتأملهن... يرى وجوهاً بلهاء لا تعي المآسي التي تُخلفها الحروب، يتظاهرن بالاهتمام، فأجابهم بكل هدوء أن السلام هي النتيجة المرجحة لهذا الصراع. لم تكن تلك الإجابة التي يردن سماعها، فضغطن عليه كي يخبرهم أي الطرفين مرشح للفوز، فأجابهم بكل بساطة والابتسامة تملأ وجهه: "أعتقد أن الأقوى هو من سيفوز"، فزاد ضغطهن عليه ليُخبرهم من هو الطرف الأقوى، فقال "لا أشك أن الطرف الذي يحصل على تغذية أفضل وتعليم أفضل هو الأقوى". فسألنه بإلحاح "أي من طرفي الحرب تفضله شخصياً عن الآخر؟"، فقال بوجه مشرق: "سيداتي أنا أُفضل مربى البرتقال... هي تفضيلي الشخصي، هل تفضلونها أنتن" اندفعن بكل حماس للحوار عن المربى ونكهاتهن المفضلة، موضحات معرفتهن الواسعة بطرق تحضيرها، فكشفن اهتمامهن الحقيقي بالطعام بدلاً من التظاهر السابق بالانخراط في الخطاب السياسي، أما هو فكان يشاركهن الحوار بكل أريحية وسعادة. وما إن انتهين من جلستهن واستعدوا للمغادرة وَعَـدنَ تشيخوف بإرسال هبات سخية من مربى البرتقال، وشكرنه على حسن حواره ولطافة خطابه، فقد سُعدن حقاً بذلك، وبعد أن غادرن أثنى زميله غوركي على حواره معهن، فضحك تشيخوف وقال: "ما كان عليهن التظاهر... من الأفضل لكل إنسان أن يتحدث لغته الخاصة". فهل تتفق مع تشيخوف... أن على كل إنسان ترك التظاهر وأن يكون مخلصاً لما في داخله؟ لا شك أنك في وقت ما حاولت كبت مشاعرك وعدم إظهارها للآخرين، أو لعلك -وأرجو أن أكون مخطئاً- أبديت مشاعر زائفة لا تترجم ما في قلبك، ولو عدت في ذاكرتك واسترجعت سبب قيامك بذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو احترام مشاعر الآخرين، أو الحصول على مشاعر إيجابية منهم كالثقة أو المودة أو التعاطف. وأود بكل سعادة أن أزف لك البشرى... محاولتك لم تجدي نفعاً، لا تحاول تكرارها أرجوك، فمهما حاولت التمثيل والتظاهر بغير ما تشعر به فمن المرجح أنك ستحصل على نتيجة عكسية. أولاً إن تظاهرت سيُكشف أمرك.... إن أدمغتنا نحن البشر تمتلك قدرة جيدة على التفريق بين المشاعر الزائفة والحقيقية، فحتى الأطفال الرضع قادرين على ذلك بشكل رائع، ففي دراسة نفسية نُشرت عام 2015 في مجلة The Official Journal of the International Society on Infant Studies أظهر باحثو علم النفس من جامعة كونكورديا أن الرضع في وقت مبكر من العمر -18 شهراً- يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت مشاعر الشخص حقيقية ومبررة أم لا. فكان الأطفال عندما يرون أحد أقاربهم تنكسر إحدى أدواته ثم يتظاهر بالحزن كانوا لا يبدون أي تعاطف معه، بينما القريب الذي يتعرض لذات الموقف وتبدو عليه مشاعر حزن حقيقية كان الأطفال يتعاطفون معه ويحاولون ببراءتهم التخفيف عنه. هل تـتذكر آخر موقف حاول أحدهم التظاهر أمامك بمشاعر زائفة، وكنت تعلم في قرارة نفسك أن مشاعره غير صادقة، هل تتذكر كيف كان الأمر واضحاً لك بينما يظن هو أن تمثيله جيد؟ حسناً الأمر ينطبق عليك كذلك، لست ممثلاً بارعاً.

ماذا لو اختفيت اليوم من الحياة... هل سيتأثر المحيطون بك؟ هل سينقص الحياة شيء؟ بعد يومٍ مرهق من العمل كانت جالساً في غرفتي شارد الذهن، فسمعت صوت أمي تسأل من في المنزل عني "هل ما زال هاشم موجود أم خرج؟"، فتسللت إلى ذهني حينها مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، لذا أردت الخروج من غرفتي لأخبر أمي ممازحاً أنني كنت هنا أفكر فإذاً أنا موجود. لكن أمي شتت أفكاري ودمرت ما تبقى سليماً من عصبونات دماغي ولم تذر لي أي باقية من صلابتي النفسية، إذ سمعتها تقول لمن سألتهم "هاشم موجود فهذا نعاله عند باب الغرفة.... هاشم تعال وارمي أكياس الزبالة". آه يا سيدي القارئ... لا أخفيك السر... لقد كانت صعقة نفسية، إذ كان دليل وجودي نعال.... وحاجتها مني أكياس القمامة لا أكثر. لست مفكراً... ولكن السؤال الذي سهر معي تلك الليلة هو " إلى أي مدى أنا مهم ومطلوب ومُلاحظ ومؤثر في هذه الحياة؟!" وأظنه سؤال يراود الكثير من الناس أحياناً، وليس سؤالاً فلسفياً أو ترفاً فكرياً، بل إن لجوابه أثر نفسي ينعكس علينا وعلى صحتنا ومشاعرنا... وهذا ما أود الحديث عنه في كلماتي اليسيرة هذه. نحن كبشر لن نقول لمن سألنا "كيف حالك؟" - أشعر اليوم بالأهمية شكراً لك.، ولكن هذا الشعور قد يجعلك تشعر بخير فعلاً. الاحساس بهذا الشعور لا يتطلب نيل جائزة نوبل للسلام، بل يكفي أن تكون مؤثراً بحياة الناس من حولك أو بمحيطك الذي تعيش فيه، وكلما كنت مطلوباً وملاحظاً ومؤثراً أكثر كلما زاد اعتقادك بأهمية وجودك. وعندما تكون بمنظورك ذا أثر وأهمية سترى ذاتك بنوع من التقدير والاحترام، مما ينعكس على شعورك بالإيجاب، وهذه النظرة للذات لا تـتعلق بالغرور وتفضيل النفس على الآخرين، بل تعني استثمار نقاط قوتك وأحاسيسك لأجل الحياة ومن فيها. إن حب ترك بصمة على الحياة فطرة نولد عليها وتخالج أنفسنا إلى حين الممات، وهذا ما أكده أستاذ الفلسفة وعلم النفس كارل جروس Karl Gross عندما كتب نظرية قَـيّـمة حول لعب الأطفال، قال فيها: إن الأطفال الصغار يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعتقدون أنهم مؤثرين في العالم من حولهم، فالطفل مثلاً عندما يمسك دمية ويضغطها لتخرج صوتاً يضحك كثيراً، ليس لأن الصوت مضحك بل لأنه شعر بتأثيره في الواقع، ويكرر العملية ليعيد نشوة متعة الإنجاز وأهمية وجوده، والطفل الذي يُحرم من اللعب أو يلعب مراراً ويفشل بالتأثير على الواقع يشعر بانزعاج الكبير، بل لربما يتقوقع على نفسه ويتشوه نفسياً فيكون ضعيف الشخصية مستقبلاً غير مهيأ للإنجاز. وهناك بحث أجراه الدكتور إلين لانجر من جامعة هارفارد على مجموعتين من كبار السن نزلاء دار رعاية المسنين، أعطوهم جميعاً بعض النباتات التي ستزين غرف جلوسهم ونومهم وممرات الدار، وأخبر الدكتور إلين المجموعة الأولى أنهم المسؤولون عن إبقاء النباتات على قيد الحياة والعناية بها ورعايتها لتضفي المزيد من الجمال والمنظر الصحي للدار، بينما أخبر المجموعة الثانية أن النباتات لهم ولكن موظفو الدار هم من سيعتنون بها. بعد 18 شهر من الاهتمام بالنباتات والتأثير بالمنظر الصحي لدار الرعاية كان ضعف عدد نزلاء المجموعة الأولى على قيد الحياة مقارنة بالمجموعة الثانية. أي أن الشعور بالتأثير على الحياة وما يحيط بنا يجعلنا أفضل سواء على الناحية الصحية أو الشعورية أو حتى على بناء الشخصية. وفي بحث رائع نُشر أمس -وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال- وجد الباحثان في مجال علم الأعصاب المعرفي روبرت تشافيز وتود هيثرتون أن التقييم الإيجابي لأهمية الذات واحترام الذات يكمنان في ذات المنطقة في الدماغ، فكلاهما في المسار الجبهي للدماغ والذي يربط قشرة الفص الجبهي الإنسي بالمخطط البطني، أي هما وجهان لعملة واحدة، وكلما كان تقدير الذات أفضل كلما تحسن أداء هذا المسار عصبياً، والمهم هنا أن قوة هذا المسار تُحسن مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، والذي هو حتماً يؤثر على المزاج العام ويقلل القلق، بل ويمنع خطر الإصابة بعدة أنواع من الاضطرابات العاطفية والنفسية كالاكتئاب وانعدام الشهية أو فرط تناول الطعام. وكتبا في البحث أن الأشخاص الذي يكون لديهم هدف نبيل يتعلق بالتأثير في الحياة والناس من حولهم يرتفع لديهم الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين وهي ناقلات عصبية تتحكم في الحالة المزاجية والحركة والتحفيز والتي يسمونها عادة "ثلاثية السعادة"، أي كلما كنت نبيلاً في تأثيرك فيمن حولك زادت سعادتك وتقديرك للذات. للتبسيط... ولكي أخرجك من دهاليز الدماغ هذه أقول إن احترام الذات من خلال الشعور بأهميتها يمنحها صلابة نفسية وثقة في النفس وسعادة تقيك من التكدر العاطفي والنفسي. وختاماً... هناك لَبسٌ يجب التنويه عليه، يخلط الكثير من الناس بين احترام الذات وتقديرها وأشياء أخرى لا علاقة لها بالاحترام أساساً، فمثلاً يظن البعض أن الاحترام والتقدير للذات يعني أن الإنسان يجب أن يوفر لنفسه كل متع الحياة طولاً وعرضاً، فيأكل كل ما تشتهيه نفسه ويشتري ما يحب كتقدير للنفس، وهذا خطأ، بل إن من الحيوانية أن يجعل الإنسان نفسه مسخاً يطلق العنان لرغباته، فوحدها الحيوانات التي لا تراعي سوى شهواتها وما تستلذ به، بينما الإنسان من المفترض أن يكون لديه قيم ومبادئ وتضحيات، وإلا فما فرقه عن الحيوان؟!! وكما ذكرت سابقاً ليس هناك أي ربط من قريب ولا بعيد بين الغرور وبين تقدير الذات، فالأفضلية تعني المزيد من المسؤولية اتجاه الحياة ومن فيها، بينما النظرة الفوقية على الآخرين مجرد نرجسية مرضية لا أكثر. لذا تبقى القاعدة الذهبية في أفضلية الذات والشعور بأهميتها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال فيه: "خير الناس أنفعهم للناس". أنت خير الناس ما دمت مؤثراً وهماً في منفعة الناس، وأنت مجرد مسخ لا أهمية لوجودك ما دمت منغمساً في ملذاتك.