التفاخر... لماذا نشتريها؟!

ما هي آخر سلعة غالية قمت بشرائها؟ هل كنت بحاجة لها أم أن هناك بدائل ناجحة أرخص منها؟

في عام 1774م تولى لويس السادس عشر ملك فرنسا، إلا إنه لم يكن مؤهلاً للحكم، فلقد كان شخصية هادئة يُفضل القراءة والصيد والعزلة على التوغل في دهاليز الحكم والقيام بشؤون البلاط.

بينما زوجته ماري انطوانيت كانت شخصية متسلطة لذا دارت جُـل أمور البلاد، كيف لا وهي ابنة المرأة الحديدية إمبراطورة النمسا ماريا تيريزا. (اقلب القدرة على فهمها تطلع البنت لأمها😜)

وبعد فترة من حكمها تردت الأوضاع الاقتصادية في البلاد، إذ كانت تصرف من خزينة الدولة ببذخ على أناقتها وحفلاتها وملذاتها، محاولة تعويض ذلك برفع الضرائب على عامة الناس، وبالتالي أصبحت الطبقة الكادحة معدمة تماماً، وكانوا كثيراً ما يتظاهرون معترضين على تردي أوضاعهم.

بينما هي على الجانب الآخر كانت كلما سمعت بشيء من المظاهرات زاد انفاقها على نفسها، وكلما سمعت بأن هناك ملكة أو إمبراطورة في دولٍ أخرى أكثر رفاهية -كالنرويج مثلاً- ملكت شيئاً ما يدل على الرفاهية حاولت هي شراءه أيضاً أو الاتيان بما هو أفضل منه لتظهر هيمنتها. (يعني ملكة النرويج أم السعف والليف تشتري وبنتنا ماري ما تشتري... ما يصير😜)

بدأ الاحتقان يُسيطر على الشعب شيئاً فشيئاً، أما الشرارة التي أشعلت الثورة الفرنسية فقد كانت إشاعة مفادها أن الملكة ماري اشترت عقداً ألماسياً قيمته تُقارب ما سعره اليوم 14 مليون دولار، وأنه عندما قيل لها أن الشعب لا يجد خبزاً كي يأكله قالت ساخرة فليأكل الكعك، فثار الشعب وأعدمها هي وزوجها وما يدنو من 40,000 شخص من طبقة النبلاء والارستقراطيين، وتحولت فرنسا من مملكة إلى جمهورية. 

والآن تعال لنستوضح ما كانت تقوم به ماري من ناحية نفسية سيدي الكادح....

إن أدمغتنا ذكية جداً في المحافظة على اتزاننا النفسي، فقد تنتهج في وقت الأزمات النفسية سلوكاً قد لا نرغب به في الأوضاع العادية، بَـيدَ أنها تقوم بذلك كي تعيد لنا سلامنا النفسي.

أحياناً قد تتحطم علاقتنا بأشخاص مقربين، أو قد نتعرض لرفض اجتماعي أو استنقاص من قبل الآخرين، أو حتى نُوبَّـخُ لأخطاء قمنا بها فنشعر أن هناك ما يهدد كبرياءنا، فتحاول أدمغتنا حينها أن تعيد السكينة لأنفسنا من خلال بعض السلوكيات... سأُناقش في هذا المقال إحداها.

نشر البروفيسور نيرو سيفاناثان دراسة بعنوان "حماية الذات من خلال الاستهلاك" راقب فيها السلوك الاقتصادي لأفراد من ذوي الدخل المتوسط يتعرضون لتهديدات وضغوط نفسية، كموظفين تعرضوا لِلَّومِ من مسؤوليهم في العمل، أو أشخاص قد خرجوا للتو من علاقات عاطفية فاشلة.

فلاحظ أن غالبيتهم قد اشتروا منتجات غالية الثمن، لأن شراؤها يضخ في أدمغتهم المزيد من هرمون الدوبامين -هرمون السعادة- والذي قد يكون بلسماً لجراحهم النفسية.

ثم درس السيد سيفاناثان مجموعة أخرى من الأمريكيين ذوي الدخل المحدود وأجرى معهم اختبارات نفسية، ووجد أنه كلما قل احترام وتقدير الفرد منهم لذاته كلما زاد انفاقه على السلع ذات المكانة الأعلى، محاول بذلك ترميم نظرته لذاته، فشراؤه لها يضعه -ولو مؤقتاً- في مكانة اجتماعية أعلى من مكانته فيشعر بالرضا عن نفسه ويزيد من تقديره لذاته، رغم إنه سيضغط عليه مادياً من ناحية أخرى.

بعد ذلك أدخل السيد سيفاناثان كِلا المجموعتين في دروس تعلمهم الطرق العلمية لتقبل الذات وتجاوز الأزمات النفسية، دون أن تشير إلى سلوكهم الاقتصادي، إلا أنَّ كِـلا المجموعتين قَـلَّـلت مشترياتهم للسلع ذات المستوى الأعلى.

إن الدراسة توضح لنا أننا أحياناً في وقت الأزمات النفسية نقوم بشراء منتجات غالية الثمن ليس لحاجتنا الحقيقية لها، بل لتكون درعاً نفسياً يحمينا من الانهيار النفسي أو الدخول بحالة اكتئاب، بينما الأشخاص ذوي الصلابة النفسية ومن يعرفون كيفية تجاوز أزماتهم العاطفية لن ينجرفوا خلف ذلك.

وشراء السلع الثمينة لغايات نفسية لا يكون في الأوقات العصيبة فقط، بل قد ننتهجه يومياً كي نشبع الغرور الذي فينا فلا نشعر أننا دون غيرنا.

يقول عالم النفس والاقتصاد الأمريكي ثورست فِبلين في كتابه "نظرية الطبقة المترفة" أن الكثير من مشترياتنا لا تغطي حاجاتنا الحقيقية كالمأكل والمشرب، بل هي رغبات نحاول من خلالها مواكبة الآخرين، كي نكسب المزيد من القبول الاجتماعي ولا نشعر بالرفض.

إليك هاذين المثالين..... لنفرض أن زملاءك في العمل يجمعون في بداية كل شهر مبلغ 60 دينار من كل موظف لشراء مواد غذائية للإفطار، وأنت ترى أن هذا المبلغ يفوق ميزانيتك أو مبالغ فيه، إلا أنك تُحرج من رفضك للدفع كي لا تظهر بمنظر البخيل فينبذوك، فتضطر للدفع ليس رغبة في الإفطار بل لمواكبتهم، وتظهر بهيئة "الدفيع"، وتحصل على التقدير المقبول بين زملائك، والذي أصبح للأسف في هذا الزمان يعتمد على المادة لدى الكثير من الناس.

أو لنفرض أنك سيدتي الكادحة تمتلكين هاتف أندرويد صنع عام 2015م ويؤدي الغرض، بَـيـدَ أن كل صديقاتك لديهن الآيفون الجديد، وكي لا تشعري بأنك أقل من غيرك تقومين بشرائه أقساطاً لتـتفاخري فيه أمام أقرانك، رغم أن سعر الهاتف يفوق قدرتك المالية، لكن للغرور أحكام.

في كِلا الحالتين لم نقم بدفع الأموال لحاجة حقيقة بل لغايات نفسية، وهذا الشيء يُفسر لك لماذا ينفق الناس على سلع الغالية الظاهرة للناس أكثر مما ينفقون على السلع الغير بارزة.

في دراسة قام بها بروفيسور الاقتصاد أوري حيفيتس Ori Heffetz جمع فيها بيانات الاستهلاك لآلاف الأشخاص في الولايات المتحدة، لاحظ أن الناس تنفق بسخاء على السلع التي تكون ظاهرة للآخرين ويمكنهم التباهي بها، مثل السيارات والهواتف والملابس والمجوهرات والحقائب وغيرها.

ولكن عندما يصل الأمر لشراء الأشياء الغير ظاهرة للناس مثل الملابس الداخلية أو ما ندفعه للميكانيكي أو السباك في المنزل فإننا لا ندفع الكثير من أجل ذلك بل نساوم فيه، لأنه ببساطة لا يمكن لأحد رؤيتها وليست محلاً للتفاخر.

واليوم ومع وجود عالم البرامج الاجتماعية أصبح التفاخر على قدم وساق، وأمسى السلوك التفاخري هو السلوك الغالب على المجتمع، ونريد من خلال الكثير من مشترياتنا والأماكن التي نزورها أو نسافر إليها والتي نقوم بتصويرها إيصال للرسالة للناس مفادها أننا راقون حقاً، أو كما يقول المصريين "إحنا جامدين فشخ"، وافتح أي برنامج الآن وانظر بنفسك لما يشاركه الآخرون وتذكر كلامي.

ماري انطوانيت كانت ترى حجم الحقد الذي في صدور الناس لها، ورفضهم إياها وزوجها، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي عانت منها البلاد والتي سببت لها ضغوط نفسية، فكانت تُعالج ذلك بالمزيد من الانفاق على بهرجتها، فزادت الطين بلة إلى أن أورثها القبر.

أضف لذلك أنها عندما كانت بعمر الـ14 عام تم تزويجها للملك لويس كهدية لإيقاف الحرب الفرنسية النمساوية، أي وكما يسميها العراقيون "فصلية"، فنشأت وهي تشعر بعقدة الحقارة، لذا سعت جاهده لإبراز أفضليتها على بقية الملكات أو المساواة معهم.

وصحيح أن أدمغتنا تحب التفاخر أمام الناس إلا أنها أيضاً تحب أن تنظر لنفسها على أنها صالحة بعض الشيء، أو قل تنازلاً ليست بذلك السوء، وهنا ستكون بين مطرقة وسندان، هل تنتهج هذا السلوك الغير حكيم بشرائها للسلع الغالية أم تنظر لنفسها على أنها عاقلة في إدارة مواردها المالية؟ (انظر لمقال خلالات العبد) 

والحل بسيط.... سنقنع أنفسنا بأن المنتجات الغالية ذات جودة عالية وتستحق ما يدفع فيها، أو أن الحياة واحدة ويجب أن نمتع أنفسنا فيها... وهرطقات من هذا القبيل، فمن النادر أن يصارح المرء نفسه ويقول إني أقوم بهذا من أجل مكانة اجتماعية أعلى وسد ثغرات نفسية.

وكتب التسويق ككتاب ""The Big Brand Lie لنيكولاس كولي تؤكد بشدة كذبة العلامات التجارية وأسعارها الباهظة مقابل جودتها لمن يحاول خداع نفسه.

إذا أين المخرج من هذا....

كما ذكرت سابقاً في دراسة البروفيسور نيرو سيفاناثان أن الأشخاص الذين لديهم صلابة نفسية ويمتلكون ثقة وتقدير رائع لأنفسهم لا ينجرفون حول العلامات التجارية، والأشخاص الذين يعرفون كيفية تجاوز محنهم النفسية بمنطق لن يداووا أنفسهم بالمشتريات.

وأضيف على ذلك...

إن فهم كيفية تفكير الدماغ في وقت الأزمات النفسية يجعلك تعي -ولو بشكل جزئي- الطريق الذي يقودك إليه عقلك الباطن "اللاوعي"، وهذا يمنحك اليد العليا لكبح السلوك وتقويمه، وآمل أن تكون كلماتي السابقة قدمت لك ذلك.

والدماغ مفطور على المقارنة، ولكن يمكننا تمرينه على فن اللامبالاة، فالشخصيات الواثقة من نفسها والتي تختار نمط حياتها بتحرر تام لن تـتأثر بغيرها، لن تهتم إن كان غيرها يشتري سيارة حديثة فارهة، بينما هي لديها سيارة اقتصادية جيدة.

لن تهتم إن امتنعت عن دفع المال في أشياء لا ترى فيها ثمناً عادلاً ثم نعتها الآخرون بالبخل، بل ستقوم بما يمليه عليها تفكيرها وتحمل في قلبها شعار "طز بنظرة الناس".

وكما قال الكاتب ستانلي وويليم في كتابه "المليونير في البيت المجاور" -والذي التقى فيه بأكثر من 500 مليونير صنعوا ثرواتهم بأنفسهم- أنهم كانوا بسطاء لا يهتمون بنظرة الناس ولديهم الكثير من "اللامبالاة الاجتماعية"، يلبسون أبسط الثياب وسياراتهم مستعملة اقتصادية ومنازلهم متواضعة وليست في أفضل أحياء أمريكا.

لذا سيدي القارئ المكافح... أرجو أن تدعوك كلماتي البسيطة هذه إلى أن تراجع نفسك عند شرائك للأشياء الفاخرة أو الذهاب إلى المطاعم والمنتزهات الغالية، ماذا سيقدم لك التفاخر؟! وما هو دافعه النفسي الحقيقي؟ هل هو ضغط نفسي تحاول تنفيسه أم عقدة نقص لم تعرف كيفية مداواتها بالطريقة الأنسب؟

وأؤكد لك أننا زملاؤك في الأرض عندما نرى صورة المطعم الغالي الذي قمت بزيارته وشاركتنا صوره لن نجتمع على طاولة واحدة ونناقش مدى روعتك ثم نقف جميعنا ونصفق لك.

إن غالبية الأشياء التي تتفاخر بها أمام الناس هي ذاتها الأشياء التي يذمونك عليها ويصفونك فيها بالغبي الذي لا يعرف إدارة أمواله أو حديث نعمة وما أشبه، ورغم إنهم سيتقبلونك أكثر لقيامك بها إلا أنهم سيعيبونك لأجلها، وهذا ما يفسر لك لماذا يرحب الناس فيك ثم يأكلون لحمك غيبة في غيابك. (لأنك مهايطجي وشكراً)



بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ٢٣ أبريل ٢٠٢٥
كم مرةً شعرت بحنينٍ إلى الماضي؟ إن الحنين إلى الماضي تجربة إنسانية... لا شك أنك مررت بها يوماً ما، إذ يتسلل إلى قلبك شوقٌ غريب لذكريات عفا عليها الزمن متمنياً عودتها لشعورك بأنها أفضل من حاضرك، فهل كانت تلك الذكريات حقاً أجمل... ولماذا ينتابك هذا الإحساس أصلاً؟ في ورقة بحثية لبروفيسور علم النفس ديفيد نيومان David Newman درس فيها الحنين إلى الماضي، قام بسؤال المشتركين في التجربة عن مدى حنينهم إلى الماضي، وأسئلة أخرى تختبر مدى سعادتهم ومشاعرهم السلبية أو الإيجابية عندما يخالج قلبهم شعور الحنين هذا. وتَـوصَّل إلى نتيجة – لا أظنها صادمة لك سيدي القارئ – أن ميل الإنسان إلى الحنين إلى الماضي مرتبط بالمشاعر السلبية كالحزن أو الندم أو حتى الاكتئاب، بينما المستويات العليا من الحنين إلى الماضي مرتبطة باضطرابات الهوية وفقدان معنى الحياة. فالأشخاص الذي قيموا أنفسهم على أنهم أكثر حنيناً إلى الماضي كانوا يعانون من عواطف سلبية بل ينظرون أحياناً إلى الحياة بسوداوية، على عكس أولئك الذين قيموا أنفسهم على أنهم أقل حنيناً. وفي ذات الورقة البحثية درس البروفيسور ديفيد مجموعة أخرى من الأشخاص على مدار أسبوعين، فحص فيها مدى حنينهم إلى الماضي والمشاعر التي تنتابهم على مدار اليوم. وكانت الأيام التي شعر فيها الناس بالحنين إلى الماضي هي غالباً ذات الأيام التي مروا فيها بأحداث أو مشاعر سلبية. وبما أن الدراسة تستقصي مشاعرهم يومياً، كان من الممكن بسهولة ملاحظة كيفية تأثير مشاعر اليوم على الغد، وكانت النتائج تشير بوضوح بأن الأيام التي شعر الناس فيها بالوحدة مالوا إلى الشعور بالحنين إلى الماضي في اليوم التالي، والأيام التي شعروا فيها بالحنين إلى الماضي أعقبتها أيام كانوا يميلون فيها إلى التفكير بالأشياء السلبية ويعيشون بعضاً من المشاعر الكئيبة. أي يمكن القول باختصار أن الشعور بالحنين إلى الماضي غالباً ما ينتج عن مشاعر سلبية كالوحدة، ويسبب تفكيراً سلبياً للمستقبل... لكن مهلاً الأمر ليس بهذه المشأمة أو التعاسة المطلقة... هناك جانبٌ مشرق. (أنا مو كاتب مقال عشان أطين عيشتك... انطر للنهاية 😜) هبني قبل ذلك أوضح لك الخدعة التي يقوم بها الدماغ هنا، فمعرفة كيف تجري الأمور في ذهنك ستجعلك تنظر للحنين إلى الماضي بطريقة مغايرة. في بادئ الأمر... الماضي ليس بتلك الجمالية التي تخبرك بها ذكرياتك. الدماغ البشري لا يسجل الذكريات بصورتها الحقيقية وبشكل محايد -أي كما نقول بحلوها ومرها- بل يميل إلى تذكر الأحداث الإيجابية بشكل أوضح بكثير من السلبية خاصة مع مرور الزمن، وهذا ما يُسمى في علم النفس بظاهرة "تحيز الذاكرة الإيجابية" Positive Memory Bias، فأنت مثلاً تتذكر تلك السهرة العائلية الممتعة في طفولتك، إلا أنك لا تتذكر معها المشكلات والتوترات التي عاشتها عائلتك في تلك الفترة، وهذه آلية دفاع نفسية يلجأ لها الدماغ ليقلل عن نفسه التوتر والقلق المرتبط بالزمن الحالي. وأذكر هنا دراسة أجراها البروفيسور Tim Wildschut شملت أكثر من 500 مشارك، سُئلوا عن تجارب الحنين إلى الماضي، وكانت النتيجة أن 79% من المشاركين استرجعوا ذكريات إيجابية عن ماضيهم، رغم اعترافهم لاحقاً بأن ظروف تلك الفترات لم تكن مثالية... بل وربما سيئة. أضف لذلك أن الدماغ ينظر للماضي -الذي نجوت منه وها أنت حيٌ الآن- على أنه أكثر أماناً من الحاضر بل وسيلة تلجأ لها من قلق الحاضر، خاصة عندما يواجه المرء ضغوطاً ومسؤوليات في الحاضر لا يدري إن كان سينجو نفسياً منها أم لا، والتي غالباً لم يكن يحمل عبئها أيام صباه أو في الماضي. وأما الأشخاص الأكبر سناً والذين عَـفَّـرت الحياةُ بهم الأرض، فهذه الضغوط التي تجعلهم يشعرون بحنين إلى الماضي غالباً ما تكون أزمات على مستوى الهوية أو الشعور بفقدان المعنى، وهذا الأمر شائع مع الأشخاص الذين يمرون بتغيرات كبيرة كالطلاق والتقاعد والبطالة... وهلم جراً. وفي دراسة للبروفيسور Tim Wildschut أيضاً (إلي انت طنشت اسمه قبل اشوي وطنشت اسمه الحين 😜) عرض على مجموعة من المشاركين مشاهد محبطة أثارت فيهم الشعور بالقلق أو الحزن، ثم طلب من نصفهم كتابة ذكريات من الماضي، وكانت النتيجة أن المشاركين الذين استدعوا ذكريات الطفولة، انخفضت مؤشرات القلق عندهم وزادت مشاعر الدفء العاطفي والانتماء، على عكس أولئك الذين لم يلجؤوا لذكرياتهم. وهناك جانب آخر بيولوجي... فمع التقدم في العمر تتغير طريقة معالجة الدماغ للذكريات، فالدوبامين -وهو ناقل عصبي مرتبط بالتحفيز والمكافأة- تقل فاعليته وينخفض مستواه في مرحلة لاحقة من العمر، مما يجعل الأحداث الجديدة في حياتك أقل إثارة وتشويقاً، بينما في المقابل تكون الذكريات القديمة قد حُفظت بشكل مثبت في الدماغ، ويكون استدعاؤها أسهل مما يعطي شعوراً مخادعاً بأنها أفضل... وهي حتماً ليست كذلك. نعم يا سيدي القارئ... الدماغ يصبح مملاً بعض الشيء مع التقدم بالعمر... إنها الحياة. 😢 الآن لننتقل إلى الجانب الإيجابي.... كفاناً نكداً.. أليس كذلك سيدي القارئ 😜 -كما قلت قبل قليل- يلجئ الدماغ إلى الحنين إلى الماضي ليخفف عن نفسه وطأة حاضره وقلقه، فهي كما نسميها في علم النفس "حيلة دفاعية" يلوذ بها الدماغ، لذا فهي -من الناحية النفسية- أشبه بعلاج يبتكره الدماغ لنفسه، لذا فهذا الشعور -رغم سلبيته- إلا أنه يدفع عنك ما كان أثقل حملاً وأشد جهداً، فالحمد لله الذي ألهم الدماغ هذا الشعور. وقبل الانتقال لنقطة أخرى إليك هذه الدراسة... أجرى الدكتور كلاي روتليدج Clay Routledge وفريقه البحثي من جامعة ولاية نورث داكوتا دراسة حول الحنين إلى الماضي وأثره على بيئة العمل. قدم الباحثون عدة استبيانات إلى المشاركين في التجربة، وهم مجموعة من الموظفين في شركات كبرى، وتم تقسيم الموظفين إلى مجموعتين. عُرض على كل فرد من المجموعة الأولى صور ومقاطع فيديو تعيدهم إلى لحظات نجاح سابقة عاشوها في الشركة، بينما المجموعة الثانية طُلب منهم التفكير في التحديات الحالية دون توجيههم إلى تذكر لحظات النجاح السابقة. أظهرت نتائج الدراسة أن المجموعة التي أعادوها إلى ذكرياتها السابقة كانت أكثر ميلاً نحو الإبداع وتحمل المخاطر لبضعة أيام لحقت التجربة، وأشار العديد من المشاركين في المجموعة الأولى أن تلك الذكريات عززت شعورهم بالانتماء ورفعت من معنوياتهم في الأوقات الصعبة. وأظهرت البيانات أن الحنين إلى الماضي ساعد في تحسين علاقات الموظفين مع بعضهم البعض، مما ساهم في زيادة التعاون ورضاهم عن العمل. أي أن الحنين إلى الماضي خلق بيئة إيجابية لتحمل ضغوطات الحاضر في العمل، وزاد من تكاتف الموظفين شعورياً... نعم إن له هذا التأثير الساحر!! ونحن البشر نمتلك قدراً رائعاً من التعاطف والمقدرة على فهم مشاعر الآخرين (إذا أنت ما تتعاطف مو محسوب علينا من البشر... شوف لك صنف أحيائي ثاني 😒)، وعندما نرى أمرؤاً يتوق للماضي فلا أظن أننا سنجد صعوبة في استيعاب أنه يشكو من حاضره أو أن هناك شيئاً ما أرهقه، وهذا ما قد يثير فينا عاطفة اتجاهه وبالتالي مساندته ودعمه وتقديم مشاعر المؤاساة له، ولعل دماغك قادك إلى الحنين إلى الماضي وبـثِّـه إلى الآخرين كبديل -أكثر عزة نفس وكبرياء - عن التذمر. وكثيراً ما أصادف منشورات في برامج التواصل الاجتماعي أو أستمع في أحاديث جانبية مع الأصدقاء ذلك الحنين إلى الماضي، وارتأيت أن أكتب هذا المقال لعله يوضح أو يقدم شيئاً لهم. سيدي القارئ... إن الحنين إلى الماضي تجربة إنسانية بامتياز، لا شك أننا سنشعر بها بين الحين والأخر، إنها ملاذ آمن يلوذ به الدماغ ليتخلص من ثقل الحاضر، نعم سيجلب لك بعضاً من المشاعر السلبية، بل ولربما يُضـيِّـق في عينيك رحيب الدنيا، وآمل ألا يحدث هذا.... وإن حدث فتأكَّد أن الماضي لم يكن بهذا الجمال فعلاً كي تتوق إليه، وأن الحياة وحاضرك حتماً لن يكونا عالماً وردياً، وستمر -كما مر غيرك- بالعديد من المصاعب والآلام ليس لأن الدنيا تكرهك اليوم وكانت تحن عليك بالماضي، بل لأن هذا جزء أصيل من الدنيا لا يتجزأ، فالحياة لا تكرهك أو تحبك هي تدور فقط دون اكتراث... فاخشوشن وواجها، واصنع بنفسك حاضراً أجمل من ماضيك، فأنت لا تمتلك أداة العودة للماضي لتحن إليه، لكن بيدك الآن أن تغير حاضرك للأجمل. ومهلاً... نحن هنا... زملاؤك البشر... حنينك إلى الماضي يحرك فينا مشاعر اتجاهك تجعل الحياة أكثر وداً ولطفاً. وذرني أبوح لك بما في قلبي سيدي القارئ... أنا أيضاً أحن إلى الماضي... لكن أحاول أن أغير حاضري للأجمل.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
كم مره خنت فيها شعورك وأبديت إعجابك بأشياء لا تستحسنها؟ في عام 1897م اندلعت حرب بين الدولة العثمانية واليونان وكانت محط اهتمام الطبقة السياسية والنخب العليا، أما عوام الناس فكان "كُـلّا يدعي في الهوى وصل ليلى" والكل يريد الحديث عن هذه الحرب الطاحنة والتظاهر بالاهتمام كي يوحي للآخرين امتيازه الثقافي. إبان الحرب زارت بعض النسوة من الطبقة المخملية بيت الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي كان برفقة زميله الكاتب مكسيم غوركي، وسألنه عن رأيه حول هذه الحرب، فجلس يتأملهن... يرى وجوهاً بلهاء لا تعي المآسي التي تُخلفها الحروب، يتظاهرن بالاهتمام، فأجابهم بكل هدوء أن السلام هي النتيجة المرجحة لهذا الصراع. لم تكن تلك الإجابة التي يردن سماعها، فضغطن عليه كي يخبرهم أي الطرفين مرشح للفوز، فأجابهم بكل بساطة والابتسامة تملأ وجهه: "أعتقد أن الأقوى هو من سيفوز"، فزاد ضغطهن عليه ليُخبرهم من هو الطرف الأقوى، فقال "لا أشك أن الطرف الذي يحصل على تغذية أفضل وتعليم أفضل هو الأقوى". فسألنه بإلحاح "أي من طرفي الحرب تفضله شخصياً عن الآخر؟"، فقال بوجه مشرق: "سيداتي أنا أُفضل مربى البرتقال... هي تفضيلي الشخصي، هل تفضلونها أنتن" اندفعن بكل حماس للحوار عن المربى ونكهاتهن المفضلة، موضحات معرفتهن الواسعة بطرق تحضيرها، فكشفن اهتمامهن الحقيقي بالطعام بدلاً من التظاهر السابق بالانخراط في الخطاب السياسي، أما هو فكان يشاركهن الحوار بكل أريحية وسعادة. وما إن انتهين من جلستهن واستعدوا للمغادرة وَعَـدنَ تشيخوف بإرسال هبات سخية من مربى البرتقال، وشكرنه على حسن حواره ولطافة خطابه، فقد سُعدن حقاً بذلك، وبعد أن غادرن أثنى زميله غوركي على حواره معهن، فضحك تشيخوف وقال: "ما كان عليهن التظاهر... من الأفضل لكل إنسان أن يتحدث لغته الخاصة". فهل تتفق مع تشيخوف... أن على كل إنسان ترك التظاهر وأن يكون مخلصاً لما في داخله؟ لا شك أنك في وقت ما حاولت كبت مشاعرك وعدم إظهارها للآخرين، أو لعلك -وأرجو أن أكون مخطئاً- أبديت مشاعر زائفة لا تترجم ما في قلبك، ولو عدت في ذاكرتك واسترجعت سبب قيامك بذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو احترام مشاعر الآخرين، أو الحصول على مشاعر إيجابية منهم كالثقة أو المودة أو التعاطف. وأود بكل سعادة أن أزف لك البشرى... محاولتك لم تجدي نفعاً، لا تحاول تكرارها أرجوك، فمهما حاولت التمثيل والتظاهر بغير ما تشعر به فمن المرجح أنك ستحصل على نتيجة عكسية. أولاً إن تظاهرت سيُكشف أمرك.... إن أدمغتنا نحن البشر تمتلك قدرة جيدة على التفريق بين المشاعر الزائفة والحقيقية، فحتى الأطفال الرضع قادرين على ذلك بشكل رائع، ففي دراسة نفسية نُشرت عام 2015 في مجلة The Official Journal of the International Society on Infant Studies أظهر باحثو علم النفس من جامعة كونكورديا أن الرضع في وقت مبكر من العمر -18 شهراً- يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت مشاعر الشخص حقيقية ومبررة أم لا. فكان الأطفال عندما يرون أحد أقاربهم تنكسر إحدى أدواته ثم يتظاهر بالحزن كانوا لا يبدون أي تعاطف معه، بينما القريب الذي يتعرض لذات الموقف وتبدو عليه مشاعر حزن حقيقية كان الأطفال يتعاطفون معه ويحاولون ببراءتهم التخفيف عنه. هل تـتذكر آخر موقف حاول أحدهم التظاهر أمامك بمشاعر زائفة، وكنت تعلم في قرارة نفسك أن مشاعره غير صادقة، هل تتذكر كيف كان الأمر واضحاً لك بينما يظن هو أن تمثيله جيد؟ حسناً الأمر ينطبق عليك كذلك، لست ممثلاً بارعاً.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٢ يوليو ٢٠٢٤
ماذا لو اختفيت اليوم من الحياة... هل سيتأثر المحيطون بك؟ هل سينقص الحياة شيء؟ بعد يومٍ مرهق من العمل كانت جالساً في غرفتي شارد الذهن، فسمعت صوت أمي تسأل من في المنزل عني "هل ما زال هاشم موجود أم خرج؟"، فتسللت إلى ذهني حينها مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، لذا أردت الخروج من غرفتي لأخبر أمي ممازحاً أنني كنت هنا أفكر فإذاً أنا موجود. لكن أمي شتت أفكاري ودمرت ما تبقى سليماً من عصبونات دماغي ولم تذر لي أي باقية من صلابتي النفسية، إذ سمعتها تقول لمن سألتهم "هاشم موجود فهذا نعاله عند باب الغرفة.... هاشم تعال وارمي أكياس الزبالة". آه يا سيدي القارئ... لا أخفيك السر... لقد كانت صعقة نفسية، إذ كان دليل وجودي نعال.... وحاجتها مني أكياس القمامة لا أكثر. لست مفكراً... ولكن السؤال الذي سهر معي تلك الليلة هو " إلى أي مدى أنا مهم ومطلوب ومُلاحظ ومؤثر في هذه الحياة؟!" وأظنه سؤال يراود الكثير من الناس أحياناً، وليس سؤالاً فلسفياً أو ترفاً فكرياً، بل إن لجوابه أثر نفسي ينعكس علينا وعلى صحتنا ومشاعرنا... وهذا ما أود الحديث عنه في كلماتي اليسيرة هذه. نحن كبشر لن نقول لمن سألنا "كيف حالك؟" - أشعر اليوم بالأهمية شكراً لك.، ولكن هذا الشعور قد يجعلك تشعر بخير فعلاً. الاحساس بهذا الشعور لا يتطلب نيل جائزة نوبل للسلام، بل يكفي أن تكون مؤثراً بحياة الناس من حولك أو بمحيطك الذي تعيش فيه، وكلما كنت مطلوباً وملاحظاً ومؤثراً أكثر كلما زاد اعتقادك بأهمية وجودك. وعندما تكون بمنظورك ذا أثر وأهمية سترى ذاتك بنوع من التقدير والاحترام، مما ينعكس على شعورك بالإيجاب، وهذه النظرة للذات لا تـتعلق بالغرور وتفضيل النفس على الآخرين، بل تعني استثمار نقاط قوتك وأحاسيسك لأجل الحياة ومن فيها. إن حب ترك بصمة على الحياة فطرة نولد عليها وتخالج أنفسنا إلى حين الممات، وهذا ما أكده أستاذ الفلسفة وعلم النفس كارل جروس Karl Gross عندما كتب نظرية قَـيّـمة حول لعب الأطفال، قال فيها: إن الأطفال الصغار يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعتقدون أنهم مؤثرين في العالم من حولهم، فالطفل مثلاً عندما يمسك دمية ويضغطها لتخرج صوتاً يضحك كثيراً، ليس لأن الصوت مضحك بل لأنه شعر بتأثيره في الواقع، ويكرر العملية ليعيد نشوة متعة الإنجاز وأهمية وجوده، والطفل الذي يُحرم من اللعب أو يلعب مراراً ويفشل بالتأثير على الواقع يشعر بانزعاج الكبير، بل لربما يتقوقع على نفسه ويتشوه نفسياً فيكون ضعيف الشخصية مستقبلاً غير مهيأ للإنجاز. وهناك بحث أجراه الدكتور إلين لانجر من جامعة هارفارد على مجموعتين من كبار السن نزلاء دار رعاية المسنين، أعطوهم جميعاً بعض النباتات التي ستزين غرف جلوسهم ونومهم وممرات الدار، وأخبر الدكتور إلين المجموعة الأولى أنهم المسؤولون عن إبقاء النباتات على قيد الحياة والعناية بها ورعايتها لتضفي المزيد من الجمال والمنظر الصحي للدار، بينما أخبر المجموعة الثانية أن النباتات لهم ولكن موظفو الدار هم من سيعتنون بها. بعد 18 شهر من الاهتمام بالنباتات والتأثير بالمنظر الصحي لدار الرعاية كان ضعف عدد نزلاء المجموعة الأولى على قيد الحياة مقارنة بالمجموعة الثانية. أي أن الشعور بالتأثير على الحياة وما يحيط بنا يجعلنا أفضل سواء على الناحية الصحية أو الشعورية أو حتى على بناء الشخصية. وفي بحث رائع نُشر أمس -وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال- وجد الباحثان في مجال علم الأعصاب المعرفي روبرت تشافيز وتود هيثرتون أن التقييم الإيجابي لأهمية الذات واحترام الذات يكمنان في ذات المنطقة في الدماغ، فكلاهما في المسار الجبهي للدماغ والذي يربط قشرة الفص الجبهي الإنسي بالمخطط البطني، أي هما وجهان لعملة واحدة، وكلما كان تقدير الذات أفضل كلما تحسن أداء هذا المسار عصبياً، والمهم هنا أن قوة هذا المسار تُحسن مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، والذي هو حتماً يؤثر على المزاج العام ويقلل القلق، بل ويمنع خطر الإصابة بعدة أنواع من الاضطرابات العاطفية والنفسية كالاكتئاب وانعدام الشهية أو فرط تناول الطعام. وكتبا في البحث أن الأشخاص الذي يكون لديهم هدف نبيل يتعلق بالتأثير في الحياة والناس من حولهم يرتفع لديهم الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين وهي ناقلات عصبية تتحكم في الحالة المزاجية والحركة والتحفيز والتي يسمونها عادة "ثلاثية السعادة"، أي كلما كنت نبيلاً في تأثيرك فيمن حولك زادت سعادتك وتقديرك للذات. للتبسيط... ولكي أخرجك من دهاليز الدماغ هذه أقول إن احترام الذات من خلال الشعور بأهميتها يمنحها صلابة نفسية وثقة في النفس وسعادة تقيك من التكدر العاطفي والنفسي. وختاماً... هناك لَبسٌ يجب التنويه عليه، يخلط الكثير من الناس بين احترام الذات وتقديرها وأشياء أخرى لا علاقة لها بالاحترام أساساً، فمثلاً يظن البعض أن الاحترام والتقدير للذات يعني أن الإنسان يجب أن يوفر لنفسه كل متع الحياة طولاً وعرضاً، فيأكل كل ما تشتهيه نفسه ويشتري ما يحب كتقدير للنفس، وهذا خطأ، بل إن من الحيوانية أن يجعل الإنسان نفسه مسخاً يطلق العنان لرغباته، فوحدها الحيوانات التي لا تراعي سوى شهواتها وما تستلذ به، بينما الإنسان من المفترض أن يكون لديه قيم ومبادئ وتضحيات، وإلا فما فرقه عن الحيوان؟!! وكما ذكرت سابقاً ليس هناك أي ربط من قريب ولا بعيد بين الغرور وبين تقدير الذات، فالأفضلية تعني المزيد من المسؤولية اتجاه الحياة ومن فيها، بينما النظرة الفوقية على الآخرين مجرد نرجسية مرضية لا أكثر. لذا تبقى القاعدة الذهبية في أفضلية الذات والشعور بأهميتها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال فيه: "خير الناس أنفعهم للناس". أنت خير الناس ما دمت مؤثراً وهماً في منفعة الناس، وأنت مجرد مسخ لا أهمية لوجودك ما دمت منغمساً في ملذاتك.
بقية المقالات